كل الروايات

رواية حكايات الراوي حكاية 3 ( أرجوان)

#رواية_حكايات _ الراوي 

#الحكاية_الثالثة ( أرجوان)

 

مساء الخير عليكم اعزائي المستمعين معاكم حكايات الرواي من برنامجي الإذاعي صندوق حكايات وموعدنا اليوم مع حكايتنا النهاردة حكاية جديدة حكاية أرسلتها صديقة البرنامج أرجوان فلنتقل في رحلة بين سطورها لنتعرف على حكايتها

ونعود معا مرة أخرى 

 

 

أرجوان 

 

 

جميلة هي تلك العيون أتعرف ذلك الضوء الذي يجعلك تدوب في بوابة زمنية تفصلك عن كل ما كان ماحية ببراءة فطرة نظرتها الوليدة كل أثم أرتكبته أنت يوما ..

 

ما بالك وتلك النظرة مغلفة بنظرات خوف بهلع يحيط روحها تجعلك تود أن تقتل نفسك حتى لا تذبحك التي تسببت أنت فيها …

 

 

كانت هذة كلمات سليم متحدثا مع شريكه عن تلك الفتاة التي كان مكلفا بقتلها أخذا لثأره من شقيقها …

 

لم يكن سليم مجرما منذ وقت مضى ،،، سليم فقد لا يعرف عن نفسه أي شئ كل ما يعلمه أنه أستيقظ يوما في المشفى بعد أن أبلغوا أنه قد جاء في حادث مع زوجته وأبنته منذ أسابيع ورحلوا هم عن الحياة وبقى هو لكن بذاكرة فقد كل ما تعرفه عن نفسها لم يزوره أحد من أهله حتى زوجته وإبنته تم دفنهم في مقابر خاصة للمجهولين عندما لم يسأل عنهم أي شخص وكأنهم قد نبتوا من تحت الأرض فقط ليلقوا حتفهم في هذا الحادث .

أما عن مصاريف المشفى فقد تكفل بها رجل مجهول ما يعرفوا انه يدعى ياسين وقد داوم على زيارة سليم منذ عدة أيام وأبلغهم أنه صديقه وأن سليم لا أهل له رحلوا منذ زمن وكذلك أبلغ سليم ليجد سليم نفسه وحيدا فاقدا كل ما يعرفه عن نفسه ولا أحد يعرفه سوى ياسين.

 

 

 

بعد أن عاد الي وعيه أبلغه ياسين أن سليم يعمل نصاب محترف لما عرف عنه من ذكاء حاد وقد أستغل ذلك الذكاء في الشر وأن ذلك الحادث كان مدبر للخلاص منه لخلاف بينه ويين أحد شركائه ..

لم يكن سليم يدرى ما الصدق من الزيف في كلام صديقه لكنه مع ذلك عزم على اخذ بالثأر لزوجته شجن التي لا يعرفها وأبنته ريما التي لا يتذكر حتى رائحتها .

 

حتى وأن كان مذنبا مجرما كما أخبره ياسين فكان هو من يستحق القت ل لازوجته ولا طفلته.

ربما يمحى فقد الذاكرة ما نعرفه عن أنفسنا لكن تبقى المهارات التي حفرت في أرواحنا باقية عرف سليم عن نفسه من صديقه أنه يملك من المهارات القتالية ما يجعله يهزم عدة رجال بسرعته ومهارته وكان يستعان به فيه ترهيب بعض الأشخاص لقضاء المصالح مقابل مبالغ مادية ضخمة ليختبر بعدها نفسه وتفاجئ بصدق كلام ياسين .

 

كل ما تعرف على نفسه أكثر بغض ذلك الشخص المدعى سليم الذي يتحاكى عنه ياسين مع كلماته كان يتساءل كيف وصلت لهذه النقطة من الشر أين ذهب ضميره ليرتكب كل هذة الجرائم وهل ما حدث له هو عقوبة من السماء ليجلس الان فاقدا كل شئ ناظرا الي كل ما يقص عليه أنه شخص يبغضه يبغض ذلك الشر الذي زرع بين خلاياه ذلك الشخص الذي يسكن جسده ولكنه أصبح يخشى أن ينظر في المرأه حتى لا يتطلع في عيونه .

 

 

 

في داخله تمنى أن ينهى حياته فلمن يعيش وكيف يعيش بعد ما أصبح تائها بين ما مضى وبين قادم مجهول لكن قبل أن يرحل لابد أن يأخذ بثأر زوجته وأبنته فلن يترك من تسبب في موتهم يهنأ بحياته .

 

 

 

مرت الأيام الي أن جاءه ياسين بذلك الخبر الذي أنتظره لينتقم ويحرق قلب ق اتل زوجته على أقرب ما لديه شقيقته لقد عادت منذ عدة أيام من خارج البلاد لتستقر مع شقيقها في شقته بعد وفاة والدهما .

 

لمعت عين سليم بتلك النظرة التي أبتسم لأجلها ياسين مهرجا حمد لله على سلامتك يا صديقي لم أرى في عينك نظرة الغنيمة منذ وقت كبير .

 

لتخرج على لسان سليم كلمة واحدة فقط ….

سأق تلها ..سأحةرق قلبه عليها ولم يكد ينهى كلماته حتى أعطاه ياسين ورقة تحتوى على كل تفاصيل تخص تلك الفتاة لم يبلغه حتى أسمها ولكنه كان من المتضح أنه يراقب خط سيرها منذ عودتها ليأتي بكل المعلومات كاملة لسليم .

 

بعد غياب الليل جهز سليم سلاحه بكاتم صوت وارتدى قناعه متجها الي بيتها بعد أن أبلغه ياسين أن الفتاة تقيم ليلها بمفردها لسفر شقيقها في عمل ولن يعود الا في الليل التالي فقرر أن ينهى مهمته في مسكنهم حتى يعود في الليل ليجد شقيقته قت لت في غيابه ..

 

توجه سليم الي المكان المكون من بيت كبير بحديقة 

وغرفة منفصلة عبارة عن مرسم وهناك كانت هي تجلس أمام لوحة تخطوها لزهرة أرجوان حمراء بشعر ليلي منسدل على كتفيها لم يرى ملامحها أرتدى قناعه وأقتحم مرسمها ليطرحها أرضا يشل حركتها كاتما صراخها مصوبا سلاحه الي رأسها وقبل أن يضغط زناده توقف كل شئ وكأن الزمن نفسه قد توقف عند هذه اللحظة غارقا في بحر عينيها وملامحه رأي فيها ملامح طفلته التي رحلت دون أن يتذكرها أحتضنه ذلك البريق الغامض في نظراتها بريق يجلده وينير كل الظلام في روحه كان لازال مصوبا سلاحه تجاه رأسها لم يشعر الا بدمعة حارة خرجت من عينيه لتوها لتلمس وجتنيها مختلطة مع دمعتها التي أحتضت ملامحها خوفا وهلعا .

 

وفي لمح البصر كان قد رحل هاربا تركها دون أن يمسها وقبل ان تفوق من صدمتها كان قد أختفى من المكان تماما .

 

بعد عدة ساعات كان كلماته عنها مع صديقه ياسين مندهشا مما شعر به في نظراتها كنظرات وليدة تدق ساعتها الأولى في الحياة في وجه أنثى لم يتفحص حتى ملامحها فمرأة عينيها أخبرته بكل مكنون روحها ظل يتحدث وظل ياسين صامتا ناظرا اليه بنظرة غامضة لم يدرك حينها سليم أنها كان نظرة تحمل كل خيوط الكراهية في قلبه لسليم ..

 

 

أتت كلمات ياسين بصوت هادئ … معنى حديثك أنك لن تقتلها الست كذلك …

 

 

سليم متنهدا وكأن في اختبار ما بين بداية ونهاية مستحضرا لحظاته السابقة معها ليخرج رده أخيرا : لا لن أقتلها .

 

 

صمت قليلا ناظرا الي السماء وبكلمات رسمت الغضب الغير مفهوم بالنسبة له على وجه ياسين 

لقد اعطاني الله فرصة جديدة لكي أطهر ذنوبي مما كنت عليه كما قصصت على قبل الحادث ، لا أريد أن اخسر فرصتي في البداية …أما عن حق شجن وريما سيعود لا أعرف كيف ولم أفكر كل ما أعرفه انني التي اقتل تلك الفتاة .

 

ياسين بنفس النظرة الغامضة تزينها إبتسامة صفراء : كما ارادت يا صديقي سيكون الأمر .

تاركا اياه ليجلس وحيدا ما تبقى من اليوم .

 

بعد يومان 

 

كان سليم يجوب الطرقات بحثا عن لاشئ ليجد أن قدميه قد قادته أمام معرض فنى يحمل في خارجه معرض الفنانة أرجوان سمير ..

 

ظل صامتا مندهشا مما أتي به الي هذا المكان ولماذا قادته قدميه الي هنا ؟؟ 

 

ترجل الي داخل المعرض في خطوات بطيئة متفحصا اللوحات الفنية كانت جميعا عبارة عن لوحات فنية لورد بمختلف أنواعه مرسوم بمهارة شديدة تشعرك أنه ورد حقيقي.

 

محدثا نفسه هل من الممكن أن أكون قبل فقدى لذاكرتي مهتما بالرسم ولكن كيف لمجرم مثلي أن يهتم بكل هذا البهاء ؟؟ وقبل أن يكمل كلمات حديثه الداخلى وقف متسمرا أمامها تلك اللوحة !!!!!

 

لوحة تحمل يين طياتها وردة أرجوان حمراء مسترجعا تلك اللوحة في عقله نعم هي ! هي تلك اللوحة التي كانت ترسمها الفتاة في مرسمها…

ليخرجه صوت أنثوى هادئ من ذهوله : 

مساء الخير هل تعجبك تلك اللوحة أرى أنك تقف أمامها منذ أكثر من نصف ساعة .

 

 

ناظرا الي محدثته ليجدها فتاة رقيقة الملامح بشعر أسود منسدل على كتفيها وثوب أحمر هادئ يجعلها شبيه بتلك اللوحة مبتسمة له بعيونها الهادئ بعد أن طال صمته أمامها 

 

هل أنت بخير ؟ 

 

يعود الي واقعه ليرد عليها : نعم أنا بخير … متعلثما في نطق كلماته … فقط لقد أبهرتني اللوحة أشعر انها تناديني .

 

بإبتسامتها الهادئة : أنا من قمت برسمها 

تمد يديها لتصافحه :

أعرفك بنفسي أنا أرجوان سمير رسامة وصاحبة كل هذه اللوح .

 

لا يدرى لماذا ترك يديه يين راحة يديها كيف ترك عينيه تموج في ذلك البحر الهادئ بنظراتها الساطعة بدقات الحياة كغريق يشتهى ساعة أخيرة للحياة في عينيها كان هو …

 

لا تدرى هي لماذا لم تسحب يديها من راحة يده كأن روحها على موعد بلقاء غير مرتب مع روحه .

تاركة عينيها تجوب حزن عينيه مرددا داخل نفسها أعرف تلك العيون ولكن كيف أيعقل أن يكون هو ذلك المجهول الذي حاول قتلي ..لا هذا لا يحمل روح قاتل ولكن روح تائهة في عالم لا تعرف عنه شىء .

قطع ذلك الحديث نداء أحد من زوار المعرض لترد عليه ردا سريعا وتعود الى سليم بإبتسامتها العذبة 

كأنها تعرفه منذ زمن .

 

أتريد أن أريك اللوحات واقص عليك أنواع الورد ؟

حرك رأسه موافقا بإبتسامته الحزينة .

 

بدأت في التجول معه في معرضها وهي نفسها لا تفهم لماذا شعرت فجأة أن الكون قد خلى من كل شئ سواهم ظلت تتحدث وتشرح له ناظرة له بإبتسامة عذبة لا تفارقها كأنه تجلده تطهره من أثمه .

 

مرت ساعات ولم يتوقفا عن الحديث قص عليها حكايته أنه فاقد للذاكرة لم يقص أي خيط عن شخصيته القديمة ربما أراد أن يظهر أمامها بولادة جديدة مرددا في ذاته أنه لن يراها مرة أخرى وأنها لن تعرف أنه هو من حاول قتلها متناسيا أنها رسامة تحفظ تفاصيل ملامح كل ما تقع عليه عينيها من النظرة الأولي .

 

 

وكأنما اقتطع كل منهما ساعات من الكون ساعات ضحك فيها من قلبه لأول مرة منذ أن عاد للحياة عدة مرات على كلماتها ، وساعات وجدت نفسها تحدثه كأنها تعرفه منذ عمر مضى .

 

 

حان وقت اغلاق المعرض ليجد شابا أمامه يحتضنها في رفق وتعرفه عليه 

هذا أخى الوحيد سامر ما تبقى لي بعد رحيل أبي وأمي عن الحياة .

 

يتقدم سامر في طريقة مهذبة ليتعرف على سليم من كلمات أرجوان .

 

بصوت مكتوم جاءت كلمات سليم مرحبة به وفي عقله ملايين من الاسئلة في طريق ثلاثتهم للخروج من المعرض : 

من المفترض أن يعرفني سامر ألم يكن شريكي كما أبلغني ياسين ؟ حتى وإن كان يعلم اني قد فقدت الذاكرة فكان من الطييعى ان يظهر عليه أي دهشة لوجودى مع شقيقته ؟؟ كيف….

 

وقبل أن يبحر في تساؤلته وجد ياسين أمام المعرض وفي ملامحه نظرات شر وجمود جعلته يدرك سريعا ما يفكر فيه وفي نفس اللحظة التي أشهر فيها ياسين سلاحه تجاه أرجوان كان سليم متحركا في سرعة أربكت ياسين ليحتضن أرجوان وأنطلقت الطلقة …..

 

 

 

وفي لحظات كان سليم غارقا في دماءه وهرب ياسين كما ظهر فجأة ما بين حياة وموت نقل الي المستشفى 

وفي غيبوبة قصيرة رأى لمحات من الماضى شجن وحياته معاها ،إبنته وضحكاتها ثم شجار حاد بينه ويين ياسين شجار يتفهم كلماته جيدا بتهديد واضح من ياسين بإنهاء حياته امام شجن وأبنته ثم غاب عن كل شئ.

 

في مكان اخر ياسين امام قبر شجن وبنظرة حادة وبصوت هامس ينحني وكأنها يحدثها 

شجن شقيقتي أعلم أن روحك الطاهرة تعاتبني وترفض حتى سماع كلماتي : 

لم أكن أنوى ان اؤذيكي يا صغيرتي فلقد كنتي أنتي الطيب الوحيد الذي يسكن حياتي وريما الصغيرة تعلمى كم كنت أحبها ولكن سليم زوجك هو المتسبب في كل ذلك لو ولم يعرف حقيقتي ما وصلنا الى هذه النقطة .

 

أتذكرى لقد طلبت منك الا تذهبي معه في تلك الليلة أنتي من اصررتي على عدم تركه ، أذكر نظراتك الصادمة ليه ونفورك حتى من التحدث معي كل ما كان على لسانك كيف تكون أنت قات ل يا ياسين ؟ 

 

تنتقم من أمنا في كل فتاة كيف تفعل بنا هذا ؟؟؟ 

انت مريض يا ياسين ما كان يجب أن اخرجك من المصحة منذ خمس أعوام هذة غلطتي .

 

يعود عقله لأسابيع مضت قبل قدومهم جميعا الي مصر حيث كان يقيم سليم وشجن وريما في فرنسا منذ عدة أعوام ومن عدة أعوام قبلها أدخلته شجن مصحة عقلية في فرنسا بعد أتهامه في عدة جرائم اثبت التحقيقات في ذلك الوقت انه غير سوى وغير متحكم في تصرفاته ويحتاج الي مصحة عقلية ما لم تعرفه شجن وقتها أن هو من قام بتزوير تلك التقارير حتى لا يتم إدانته ….هو مريض نعم مريض يستلذ تلك اللحظة التى ينهى فيها حياة إنسان يتراجاه أن يرحمه .

 

 

يعود عقله ليتذكر سفره مع شجن ووالدتهم الفرنسية في الصغر الي فرنسا وكيف حرمتهم من رؤية والدهم الي أن رحل بحسرته على ابناءه تاركا لها العالم .

 

 

متذكرا كم من المرات التى عاقبته والدته على سؤاله على والده كان طفلا في عمر التاسعة ولم يكن صديق سوى والده ومن بعده شجن الصغيرة التي كانت في عمر الثانية عندما هربت بيهم والدتهم الي خارج البلاد .

 

 

أيام وأعوام مضت وتغير فيها كل شئ من داخله حولته الي قات.ل مأجور ونصاب محترف حتى قبض عليه في عمر السابعة والعشرين من عمره بعد رحيل والدته عن الحياة بشكل غامض وبعد التحقيقات اودعته شجن في مصحة عقلية كانت في وقتها في عمر العشرون عاما فقط.

 

 

متذكرا زيارتها له كل شهر وبكاؤها أمامه على كل ما مرت به وكأنه كان موعد البكاء الشهرى له الا تلك المرة بعد ثلاث أعوام عندما زارته كانت جميلة والابتسامة تنير وجهها بعد أن غابت عنها لأعوام وقصت ليه عن ذلك الشاب المصرى سليم مهندس وبطل رياضي مقيم في فرنسا منذ عدة أعوام تعرفت عليه منذ مدة قصيرة وطلب الزواج منها

وفي نفس الزيارة فرجت عن قلبه بأنها قد تحدثت مع الاطباء وأنه سيكون متاح له الخروج من المصحة الأيام القادمة ، متذكرا أحتضانها ليديه بكلماتها الرقيقة :سننسى كل ما مضى يا ياسين الاطباء أبلغوني أنك قد إستعدت نفسك بالكامل واذا أرادت العودة الي مصر لك مطلق الحرية لقد سقطت كل التهم عنك سنبدأ حياة جديدة .

 

 

 

ياسين بعد الكثير من الصمت حتى انه لم يعقب على خبر خروجه : هل ذكرتي أى شئ لسليم عني 

شجن بنفس نبراتها الحانية : لم أذكر سوى انك في تقيم في مصر وبتحول دامع في نبراتها أكملت حديثها 

خشيت أن يتركني يا ياسين عندما يعرف الحقيقة كاملة .

 

 

ليحتضنها ياسين ويعود الي صمته مجددا .

 

 

لم تمض عدة أيام بعدها الا وقد خرج من المصحة وتعرف على سليم الذي أبلغته شجن أن شقيقها يعمل نحات وكان خارج البلاد العام الماضى وكان غلطة شجن التي قتلتها بعدة عدة أعوام في البداية صدقها سليم فكيف له أن يشك أن شقيق حبيته الرقيقة مجرم وقات ل وكانت ملامح ياسين البريئة توكد كلماتها وفي فترة قصيرة تم الزواج لم يكن لسليم قريب سوى والده بعد أن رحلت والدته عن الحياة منذ عدة أعوام .

 

كان حفلا هادئا ارتدت فيها شجن فستان زفافها الأبيض في فرحة اشتاقت لها روحها بعد كل ما مرت به من ألم غربة ووحدة طوال عمرها لم تكن تعرف يوما أن سكين حقيقة شقيقها لن تقت ل سواها ..

 

يعود ياسين من رحلته مع ذاكرته ولازالت الدموع تسكن عينيه فعلى الرغم من كل سواد سكن قلبه كانت شجن هى لمحة النور الأخيرة في حياته ناظرا الي تلك الازهار التي أحضرها في زيارته لها الأخيرة تلك الزهرة التي كانت تعشقها زهرة الأرجوان وللعجب كانت تحمل إسم الفتاة الوحيدة التي سكنت قلبه أرجوان تلك الفتاة التي تعلق قلبه بها يوم أن رأها في المصحة النفسية منذ عدة أعوام حيث كانت تقوم باعطاء دورة للعلاج بالرسم في تلك الفترة وكان هو أحد الحاضرين .

 

 

تلك الخطفة الأولى التي تاخذ الروح معها في رحلة اثيرية إلي مكان نقى يحارب كل سواد بداخلك هذا ما شعر به ياسين عندما وقعت عينيه على أرجوان وكأنها ملاك زارت الأرض لتوها .

 

كم من مرة حاول أن يقترب منها حتى إنه قام بنحت عمل فنى يشبها تماما ليبهرها ويتجاذب معاها اطراف الحديث خارج حدود عملها ولكنها دائما كانت كسد يقف بينه ويين روحها حتى أنهت عملها في المصحة ولم يحظى الا بعدة كلمات معاها ولكنها عدة كلمات جعلته يدرك أن بداخله انسان يصرخ أن يعود لأدميته .

 

 

وفي ذلك الوقت جاء خروجه من المصحة وقرر أن يذهب اليها حيث علم انها تعمل رسامة في مرسم في فرنسا بجانب دراستها في العلاج النفسى بالرسم .

 

 

نبذته من لحظة لقاءهم الأولى فهى لم تنسى يوما انه كان مريضها ولقد أطلعها أستاذها الطبيب على ملفه الطبي بالكامل فرأت فيه بعين الرسامة ما لم يراه الأطباء هو ليس مريضا بعقله ولكن ذلك السواد المحيط بدقات روحه خلق منه وحشا بركانيا دون رحمة فأثرت في نفسها أن تقطع اي طريق بينهما وظل ياسين مطاردا لها حتى تركت مرسمها في فرنسا وإختفت من البلد بأكملها إتقاء لشره .

 

 

 

يتحرك ياسين من أمام قبر شجن ولازال شريط ذكرياته يتحرك في عقله عندما جمعته صدفة يوم أن كان مع شجن في معرض للزهور لعشق شقيقته لها وبينما تتحرك ريما وسط الزهور كادت أن تسقط لولا ان إمتدت لها يد فتاة بشعر أسود منسدل على كتفيها وبصوت رقيق نبهت الطفلة وحملتها لوالدتها شجن لتظل نظرته معلقة بها محدثا نفسه 

نعم …. هي أرجوان 

 

 

تغيرت ملامحها من البسمة الي صمت يحمل ملامح التوتر واقتربت من شجن لتعطيها الطفلة مهرولة مبتعدة وفي هرولتها يلاحقها ياسين تاركا شقيقته في حالة عدم فهم 

 

ياسين : أرجوان … من فضلك انتظري 

أرجوان : ماذا تريد مني يا ياسين 

ياسين : أريد أن ابوح لكي ما بدخلي منذ سنوات لا أعلم اذا كنتي قد تزوجتى ام لا ولكن لا يهمنى كل ما يهمنى أن تعرفي أنا مجنون بك كل الأعوام السابقة لم تجعلك تغيبي يوما عن مخيلتي اتعلمي لقد نحت لكي عشرات من التماثيل طوال الأعوام السابقة و… 

أرجوان مقاطعة حديثه : 

 

ياسين انت تعلم جيدا أن العلاقة بيني وبينك لم تتعدى علاقة مريض وطبيب حتى أنا لم أكن طبيتك فقط أنا رسامة ورسالة الماجستير الخاصة بي كانت عن علاقة الرسم بالعلاج للنفسي اتسمع كلامى يا ياسين .

تحولت نظرات ياسين الي الغضب متحركة تجاهها ليقبض على معصمها وبنظرات تحمل الشرر زاد إقترابه منها لتصرخ أرجوان فيه قبل أن ينطق بحرف :

 

كفى … لقد تركت فرنسا بسببك هربا منك أنا أعلم جيدا إنك لم تكن مريضا والله وحده يعلم كم جريمة إرتكبتها ولم تحاسب عليها بتعليقها على إضطرابك النفسي وعدم وعيك بما تفعله .

 

قبض على معصمها بحدة وبصوت حاد وجسد مرتعش في أن واحد.

 

أخرسي والا قت لتك أمام أعين الجميع وكما تقولي أنا أعلق كل جرائمي على قناع مرضى لا أحد يفهم حولنا لغتنا العربية ويمكنني الأن ان اق تلك امام الجميع وأقول ان قد تخيلت أنك ستقومى بقت لي وسيصدقنى الجميع .

 

قاطعه صوت من خلفه : 

لكن أنا أفهم العربية يا ياسين 

 

تحجر جسده على مقبض أرجوان مستديرا لمصدر الصوت الذي يعرفه جيدا .

 

 

شجن بدموع تحتل عيونها وصدمة تعلو ملامحها بعد أن سمعت إعتراف من شقيقها عن حقيقة كل شئ .

 

تحمل ابنتها بين يديها وقد ساد الصمت بين ثلاثتهم .

 

ووقبل ان ينطق ياسين بحرف خرجت كلمات شجن

 

لا أريد أن يكون لك مكان في حياتي يا ياسين 

تاركا قبضته على أراجون ليتجهه الي شجن 

ليعلو صوتها لا تلمسنى اذا إقتربت مني مرة أخرى سأسلمك بنفسي الي القضاء وسأقص على سليم حقيقتك يا ياسين .

 

 

لم يدر ياسين بنفسه الا وقد جذب أرجوان من شعرها أرضا ليعلو صوته أنت السبب سأقتلك ليجتمع الناس بعد أن إستنجدت أرجوان بالفرنسية .. بحنكة بالغة هرب من الجمع في ثواني معدودة ليحاول العثور على شجن شقيقته قبل أن تبلغ ياسين .

 

في تلك الأثناء كانت شجن قد استقلت سيارة وصغيرتها في يديها مع مزيج من أمطار تمطر بها السماء وكأن الامطار تشاركها دموعها المتساقطة على هاتفها وبصوت باكي تقص الحقيقة كلها لسليم على الجهة الأخرى لتأتي كلماتها : 

سليم أرجو الا تقاطعيني لابد ان نرحل من فرنسا فلنعد الي مصر الان اليوم في أقرب طائرة المهم الا نلتقى بياسين .

سليم وقد فزعه كلمات زوجته 

بصوت مذبذب : شجن ماذا حدث اهدئي أنا لا افهم كلماة من حديثك هل ضايقك ياسين في شئ .

 

شجن : سليم لقد كذبت عليك ياسين قات ل أقسم لك لقد خدعني بادعاء اضطرابه النفسى وبدأت دموعها في الخروج كشلال بينما هي تقص عليه هاتفيا كل ما كان في حياة شقيقها من البداية .

 

ظل سليم صامتا وعلى وجهه ملامح الصدمة ولم يخرجه من تلك الملامح الا كلمات شجن الأخيرة : 

بعد ما عرفت حقيقة ياسين أنا على يقين انه لن يتركنى حية أرجوك يا سليم دعنا نعود الي مصر الأن .

 

سليم وقد تحرك سريعا في اطراف بيتهم بعد أن اخذ قراره سريعا : توجهى الان الي المطار يا شجن وقومى بحجز أقرب موعد لتذاكر الطيران الي القاهرة وأنا سأحضر بعض الملابس وأوراق السفر وسأقابلك هناك أغلقى هاتفك عند وصولك المطار وانتي تعلمى صديقي سام في شرطة المطار أذهبي له وسيتولى أمر ترتيب كل شئ..

 

وما كانت بعد ذلك الا ساعات وكان ثلاثتهم في مصر .

 

سليم وشجن وطفلتهم ريما …

 

كان الليل قد أوشك على الانتهاء وبزغ الفجر بنوره عندما وصلوا الي منزل شجن القديم ذلك المنزل الذي لم يسكنه أحد منذ وفاة والدها دون أن تراه وقد سجله باسمها وإسم ياسين قبل رحيله .

 

كان فجرا قاسيا لم يذق أحد منهم النوم، قاسيا على سليم في صدمته في ما أخفته زوجته وخوفا من ياسين فشخص مثل هذا يمكن ان يقت ل حتى شجن بدم بارد …ليقطعه سؤال شجن من وسط دموعها : 

هل تعتقد اذا كنت أخبرتك في الماضى عن حقيقة ياسين التي كنت أعتقد أني اعرفها هل كنت ستقبل بي زوجة لك ؟ 

 

صمت سليم ولم يجد ما يسعفه من أحرف ليضمها الي أحضانه دون ان يخرج اي كلمة .

 

مكملة هي حديثها : 

أريدك أن تعرف يا سليم حتى وان قررت فراقى بعد كل ما عرفت لن ألومك يكفى أنك قد استجابت لمطلبي وأحضرتني الي مصر و… 

قاطعها سليم : لن أتركك يا شجن فأنتي زوجتى وحببتي ووالدة ريما …

 

مجففا دموعها من اليوم سأقوم بترتيب حياتنا القادمة هنا وسأبحث عن سكن أخر فربما عقل ياسين يقوده الي هنا لا أحد يعرف كيف سيكون رد فعله عندما يعلم إننا قد رحلنا عن فرنسا وتركنا خلفنا كل شئ .

 

كان بعد ذلك أسبوعا هادئا حاول سليم ترتيب أوراقه وقام بشراء سيارة وإيجار شقة حتى ينتقل لها هو وشجن في أسرع وقت .

 

ولكن ياسين كان أسرع منه وذلك اليوم الأخير دخل سليم شقة زوجته ليجد ياسين أمامه وعلى ملامحه نظرة باردة حاملا سلاحا بين يديه مصوبا اياه لرأس شجن بإبتسامة وحشية وصوت بارد جاءت كلماته :

 

حمدلله على سلامتك يا صديقى الأن ستختار لا أحد يعرف حقيقتي وأبقيه حيا ولكن من أجل شجن سأبقيها ولغبائها قد قصت لك كل شئ و…. 

قاطعه سليم بضربة مبغاتة أطاحت السلاح من بين يديه ليعجله بضربة أخرى على رأسه جعلته يترنح وفي نفس اللحظة تمتد يد سليم ليجذب ريما الصغيرة التي كانت نائمة وبيد أخرى يجذب شجن بمنامتها ليسرعوا الي ركوب السيارة قبل ان يعود ياسين الي وعيه . 

 

تخرج الكلمات من ياسين بوهن في لحظة استعادة وعيه أرجعى يا شجن انا ياسين ارجعى لا تذهبي مع سليم أذا ذهبتي معه ستموتين مثله .

 

 

بعد دقائق كان ياسين يلحقهم بدراجة بخارية وفي غمر السرعة عندما لمحه سليم في مرأة السيارة فازداد سرعته في لحظة اقتراب ياسين منه لتفاجأه سيارة مسرعة من الجهة الأخرى ويفقد السيطرة على سيارته لتصرخ شجن ممسكة طفلتها بين أحضانها لينتهى كل شئ .. تنقلب السيارة عدة مرات ويصمت صراخها الى الأبد .

 

 

كانت تلك الذكرى التي لاحت في عقل سليم بينما كان يعود الي وعيه ليجد أرجوان تجلس بجواره في انتظار أن تمن عليها دقات الحياة بأستفاقته …

ظل ناظرا الي كل من حوله لبرهة زمنية لتخرج كلماته بدموع حارة بتذكره كل ما حدث : لست الحادثة التي ق تلتك يا شجن ياسين من قتلك لست تلك الليلة ولكن منذ أعوام عدة منذ تلك اللحظة التي قومت بأخراجه الي العالم قت لك وقت ل ريما لينهمر في بكاء حار.

 

تتقدم له أرجوان لتضمه بين أحضانها في صمت لمدة لا يحصيها أحد منهم .

 

لتخرج كلماتها بصوت هادئ لقد علمت من اللحظة الأولى انك من حاولت ق تلي … ياسين من أرسلك وقص عليك حكايته الوهمية عنك لقد أعتقد أن الذاكرة لن تعود ابدا .

 

متحركة من مكانها لتنظر الي النافذة المصبوغة بشروق الفجر للحظات سادت فيها دموعها على شجن وريما تلك الرقيقة التي لم تعرفها يوما ولكن ما شهدته في حياتها حتى نهايتها قد جعل قلبها يدمى بكاءا .

 

عادت الي مقعدها وأكملت كلماتها :

أعلم كم حجم خسارتك يا سليم فقدانك لريما وشجن اعلم كم ستبكيهم بعد أن عادت كل الأحداث لتسكن ذاكراتك لكن ما يهون قلبك انه قد تم القبض على ياسين وقومت بزيارته الزيارة الأخيرة منذ عدة ساعات قبل انتحاره ..

 

تمتد يديها لتحتضن كفيه 

 

ياسين سينول حسابه يا سليم في اخرة الحساب يوم لا ينفع بكاء ولا توبة هذا كان اختياره .

 

عاد الصمت يسود الغرفة وقد ترك سليم لدموعه العنان حزنا على زوجته وطفلته.

 

بعد عدة ساعات كان الصمت بطلها واضاء النور الحجرة كان سليم قد استسلم للنوم ونامت ارجوان على الكرسى جواره دون أن يعلم انها قد قضت ايامها السابقة حتى استعاد وعيه في نفس المكان 

جاءه الطبيب ليطمئن على سليم ووجه حديثه لأرجوان .

 

شكرا ليكي يا أرجوان لولا دمك الذي تم نقله لسليم كان الحالة ستسوء .

 

بابتسامتها الرقيقة ناظرة الي سليم : سليم تلقى الرصاصة عنى أنقذ حياتي فمن الطييعى ان أعطيه من دمائى وفاءا لفعلته .

 

تركهم الطبيب ورحل ليتعلق عين سليم بابتسامتها الرقيقة المدمجة مع قرص الشمس في السماء وكأنها في اتحاد نوري لتكون ضوء حياته وبدايتها .

يمتد يديه لتحتضن يديها بصوت واهن تأتي حروفه 

ربما الجرح بداخلى على فراق شجن وريما لازال ينزف ولا أعرف هل سيندمل ذلك البكاء في داخل دقات قلبي عليهم في يوما ولكن أريد ان تكونى رفيقة دربي يا أرجوان أن تكوني ذلك النور الشمسي الذي يضئ خطواتي المظلمة بخطوط ابتسامتها والوان روحك .. فهل تقبلي ؟ ….

 

ولازالت يديه محتضنة يديها اقتربت بجسدها لتسكن بين أحضانه ليبدأ خطوات طريقهم معا…

 

بعد عام 

أرجوان في مرسمها ذلك المكان الذي جمعهم بلقاء أحتضن أرواحهم في يوم مضى تخطط لوحاتها بالوانها ليقطعها بكاء مولودتها متحركة من كرسيها لتضمها بينما سليم يحمل شقيقتها التؤام ليداعبها ضاحكة الطفلة التي معك شجن ام ريما لتخرج ضحكاتها وتنظر الي النافذة لنور الشمس المتدفق الي نرسمها ليحتضنهم بشعاع دافئ. 

 

لتكون من هنا بداية الحكاية 

 

……………

 

عودة معي مرة أخرى اعزائي المستمعين بعد أن انتهينا من الاستماع الي حكاية أرجوان .

 

كم لامست حكاية أرجوان دقات قلبي 

ويبقى أمامنا سؤال الحلقة .

 

هل لدقة قلب صادقة أن تعطينا بحرا من الحياة ؟

 

الإجابة نعم كما رأينا في سطور حكايتنا مع ارجوان 

في لحظة زرع الله في روح ارجوان عشقها لروح سليم وكأنما كان على وعد من قبل الميلاد على لقاءهم حتى لو كان لقاءهم بطريق يفوق عقل البشر …. 

فهل كان سليم يتخيل يوما أنه سيقابل نصفه للأخر بعد خسارة كل شئ …

 

أراد ياسين أن ينشر ظلامه في دقات كل من حوله ولكن نقاء أرجوان كان أقوى من أي ظلام وانقلب السحر على الساحر في غمضة عين ليكون لقاءها بسليم … 

 

الأرواح جنود مجندة وكل روح على موعد بلقاء مع نصفها الأخر وقد حاز جنة الأرض من كانت روحه متيقظة للحظة اللقاء .

 

وكانت روحى كطفل في المهد يبحث عن نور يضئ عينيه ليرى معالم الطريق وكنت أنت النور .

 

انتهت حلقتنا اليوم اعزائى المستمعين والي اللقاء في الحلقة القادمة مع حكايات جديدة من صندوق حكايات 

 

كانت معاكم 

حكايات الرواي

 

وعلى موعد في لقاء في الحلقة القادمة 

 

#الكاتبة_نور_البشرى 

#رواية_حكايات_الراوي 

 

 

دمتم بقلوب منيرة بالحياة 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى